أخبار مهمةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 11 أكتوبر 2019 م -12 صفر، للشيخ عبد الناصر بليح: فقه بناء الدول

خطبة الجمعة القادمة 11 أكتوبر : فقه بناء الدول ، خطبة الجمعة القادمة للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 12 صفر 1441 هـ ، الموافق 11 أكتوبر 2019.

 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول ، للشيخ عبد الناصر بليح ، وعناصرها:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول ، للشيخ عبد الناصر بليح ، بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول ، للشيخ عبد الناصر بليح ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول ، للشيخ عبد الناصر بليح : كما يلي:

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول ، للشيخ عبد الناصر بليح :

 

 

#خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول ؟

 

 

الإصلاح الإداري : ” عمر بن الخطاب أنموذجاً”

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خاتم الأنبياء والمرسلين.. أما بعد فيا جماعة الإسلام. قال تعالي: “قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ على بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”(هود/88).

 

خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول

إخوة الإسلام:” حديثنا إليكم اليوم عن فقه بناء الدول وبحق إننا قد تحدثنا من قبل عن كيف أسس رسول الله صلي الله عليه وسلم دولة الإسلام وقلنا إنه بدأ بتربية الفرد مستعيناً بالفقراء وبالشباب وغرس فيهم مكارم الأخلاق وأحاط الدولة بسياج من الأمن وحماها من الفتن والقلاقل ورسخ للعدل وعمل علي تطبيق الحدود وبني أول ما بني  المسجد وتحدثنا عن قيمة المسجد وكيف أنه مصنع الرجال :

” فيه فيه رجال “وعمل علي مبدأ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وكذلك عمل من أول يوم علي إقامة مجتمع متكامل يكون فيه جميع الطوائف والديانات فأبرم المعاهدات مع اليهود.. لأن المجتمع الذي يفرق بين طوائفه مجتمع فاشل وهذا ما تسبب في سقوط الرومان وسقوط الدولة العباسية وسقوط الخلافة العثمانية ..الخ. كما حرص الرسول صلي الله عليه وسلم  علي ترسيخ :”

#مكارم الأخلاق:”

فبالأخلاق الكريمة تنهض الأمم ويعلو شأنها وما أحسن قول الشاعر: وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَت ***فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا.

فنحن أمام أزمة حقيقية, لا أقول أزمة سياسية أو اقتصادية أو غيرها, بل أزمة أخلاق  إذا تنهض الأمم  بالأخلاق, وما أسوأها بغير الأخلاق , لذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم :”اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت, واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت”(مسلم).

واليوم سوف نكمل الحديث حول فقه بناء الدول فنقول يا عباد الله :”

ومن أهم قوانين بناء الأمم والحضارات:”

التمسك بمنهج الإسلام:

فإياك إياك أن تسمع لمن يقولون بأن الذين لم يتمسكوا بمنهج الإسلام اليوم هم في مقدمة الدول فهذا قول خاطئ فالعيب فينا نحن وليس في الإسلام فالإسلام لا يؤدي دوره الحضاري إلا إذا تولى فقهه أولو الألباب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان أمراؤكم خياركم، وأغنياؤكم سمحاؤكم، أمركم شورى بينكم، فظهر الأرض خير لكم من بطنها، وإذا كان أمراؤكم شراركم، وأغنياؤكم  بخلاءكم ، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها”(الترمذي).

 

وحال عصرنا اليوم يلاحظ فيه إقصاء الموهوبين الأذكياء العلماء عن طريق إبعادهم عن تحمل المسؤوليات.

وإقصاء الشرفاء الذين يحاربون الفساد وأولوا العلم الذين يفقهون هذه السنن الربانية في عوامل التقدم والسقوط ويحسنون التعامل معها فهم الذين يستمرون في الحياة ويتفوقون فيها.

والأمة التي يقودها فقهاء في السنن الربانية في بناء المجتمعات وخرابها هي الأمم التي تحقق النصر لا محالة. أما القادة الخطباء الذين يلعبون بالمشاعر والعواطف فهؤلاء يقودون قومهم إلي دار البوار.

أيها الناس :” إن المجتمع الإسلامي الأول حدثَت فيه حوادث زنا؛ كحادثة ماعز وغيره، وحدثت فيه حادثة افتراء وغيبة؛ كحادثة الإفك، وحدثت فيه حوادث قتل، وحدث أن وقع البعض على أهله في نهار رمضان، وحدَث خلاف على أمور من أمور الدنيا، وربُّ العالمين يقول لهم في بعض الوقائع:

“مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ”(آل عمران/125).

قد كان في المُجتمَع ما يكون في المجتمعات البشرية، فجاء القرآن يعالج كل هذا، فصنَع منهم خير الأجيال، وصفوة البشَر بعد الأنبياء. وهذا الأمر مِن أهمِّ أسس التربية، وصناعةِ الإنسان والحضارة؛ وهو أن تصنَع ذلك ممَّن أمامك، بمميزاتهم وعيوبهم، لا تقل: هذا لا يَصلُح، أو هؤلاء لا يَصلُحون، بل أنا أريد نوعية كذا وكذا.

إن الناس هم الناس بمُميزاتهم وعيوبهم، والقرآن هو القرآن بأسسه الثابتة الصالحة لكل عصر وزمان ، وكيف لا يكون الأمر كذلك والذي أنزل القرآن هو الذي خلَق الناس، وهو الذي يعلم ما يُصلِحهم؟!

هذا هو المنهج الذي صنع الله به أعظم البشر بعد الأنبياء، وأشرف المُجتمعات، وأكثرها تحضُّرًا، وهو المنهج الذي انتهجه الأوائل – على فقرِهم المُدقع في الموارد المطلوبة لبناء الحضارة -فصاروا سادة الدنيا، وبنوا أعظم الحضارات التي شهدَها التاريخ على وجه الأرض، بنوا حضارة شهد لها الأعداء قبل الأصدقاء. هؤلاء الذين أسسوا حضارة أبهرت العالم فمدينة قرطبة ثاني مدن العالم كثافة عام 350هـ لقبت بجوهرة العالم كانت مآذنها وشوارعها مُضاءة ومرصوفة وباريس تعيش في الكهوف ..نعم هم المسلمون الأوائل..

بنوا ذلك البناء كما علَّمهم القرآن؛ ففازوا بالدنيا والآخرة. كيف لا، وهو المنهج الذي وضعه رب العالمين؟!

كيف لا، وفيه كل مقوِّمات بناء الحضارة؛ بشرية، اقتصادية، ثقافية، اجتماعية، خلُقية، وغيرها؟ هذا هو المنهج الذي يكاد يتفتَّت الكبد وهو يرى أممًا لا تمتُّ للإسلام بصلة أخذت ببعضه، فصارت من أنجَحِ الأمم في أمور الدنيا على الأقل.

#ومن فقه بناء الأمم قوة الجهاز الإداري أو الحكومي:”

عباد الله :” إننا في حاجة لتجديد خطابنا الديني فلا نقف أمام ما قام به رسولنا صلي الله عليه وسلم في بناء الدولة علي أفراد وبناء مسجد إلي أخر ما فعل ..ولكن لابد أن نأخذ بوصيته:” أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد، وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ”(الترمذي وغيره).

وقد علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم   أن النظام القوي عامل من قيام الأمم والعكس النظام الضعيف والحكومة المترهلة الفاسدة سبب في سقوط الدول  لذلك  وجدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يقف بالمرصاد للمثال الضعيف فعن أبي ذر قال قلت يا رسول الله: “ألا تستعملني قال فضرب بيده على منكبي ثم قال: “يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندام إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها”(مسلم). ولكن جاء خليفته من بعده يرتب لهذا النظام ويقويه ويعلي من شأنه ..

وتعالوا بنا نقف اليوم أمام أنموذجاً من نماذج الحكم القوية نقف أمام عنصر من اهم العناصر التي تقوم عليها الدول وتتقدم وهو عنصر الإدارة ونأخذ خير نموج

#إدارة عمر بن الخطاب أنموذجاً:”  

عباد الله :”كان عمر حكيمًا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، مما جعله مؤهلًا لحمل هذه الأمانة العظيمة؛ وهي إدارة الدولة الإسلامية في هذا الوقت من التاريخ الإسلامي العظيم. إن الإدارة الصحيحة والقويمة لأي عمل مهما كان صغيرًا أو كبيرًا تحتاج إلى حكمة؛ لأن الإدارة تتعامل مع بشر وليس مع مجموعة من التروس والآلات.. والحكمة أن تضع كل شيء في مكانه، الغضب والحزم والشدة في المواضع التي تحتاج إلى ذلك، واللين والتسامح والرحمة أيضًا في المواقف التي تتطلب ذلك.

#فقه عمر الإداري:  عباد الله :”

#ومن فقه عمر الإداري أنه فصل السلطة التنفيذية عن السلطة التشريعية، وأكد استقلال القضاء، كما اهتم بأمر الأمصار والأقاليم، ووطد العلاقة بين العاصمة المركزية والولاة والعمال في أجزاء الدولة الإسلامية. وكان عمر شديدًا مع عمال الدولة الإسلامية، كان يوصيهم بأهالي الأقاليم خيرًا، فيروي الطبري أن عمر بن الخطاب خطب الناس يوم الجمعة فقال:

اللهم إني أشهدك على أمراء الأمصار، إني إنما بعثتهم ليعلموا الناس دينهم وسنة نبيهم، وأن يقسموا فيهم فيئهم، وأن يعدلوا، فإن أشكل عليهم شيء رفعوه إلي. وقد حفظ لنا يحيى بن آدم (ثقة حافظ فاضل من كبار التاسعة مات سنة ثلاث ومائتين )

#من فقهه الإداري تطبيق مبدأ الشورى:

كان عمر يستشير الرجال، وكان أيضًا يستشير النساء، فقد كان يقدم الشفاء بنت عبد الله العدوية في الرأي، فماذا بقي بعد ذلك للمرأة حتى تبحث عنه في غير الإسلام، إذا كان أمير المؤمنين يستشيرها في أمور الدولة، ويرضى عن رأيها، وكان يعتبر نفسه أبا العيال فيمشي إلى المغيبات اللواتي غاب أزواجهن، فيقف على أبوابهن ويقول: ألكن حاجة؟ وأيتكن تريد أن تشتري شيئًا؟ فإني أكره أن تخدعن في البيع والشراء، فيرسلن معه بجواريهن، فيدخل السوق، ووراءه من جواري النساء وغلمانهن ما لا يحصى، فيشتري لهن حوائجهن ومن ليس عندها شيء اشترى لها من عنده، وإذا قدم يقول:

أزواجكن في سبيل الله، وأنتن في بلاد رسول الله ، إن كان عندكن من يقرأ، وإلا فاقربن من الأبواب حتى أقرأ لَكُنَّ.. ويقول لهن: هذه دواة وقرطاس فادنين من الأبواب، حتى أكتب لَكُنّ، ويمر إلى المغيبات، فيأخذ كتبهن فيبعث بها إلى أزواجهن.

#من سمات وخصائص الجانب الإداري

عند عمر بن الخطاب أنه كان دقيق المتابعة للولاة، والمتابعة هي عنصر هام جدًّا في نجاح أي خطة، وهكذا كان عمر. نماذج للمتابعة الجيدة: “عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان قد أدرك أصحاب رسول الله قال ما زلت أسمع حديث عمر بن الخطاب أنه خرج ذات ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيرًا إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة عليها بابها وهي تقول:

تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ تَسْرِي كَوَاكِبُهُ *** وَأَرَّقَنِي أَنْ لا ضَجِيعٌ أُلاعِبُهُ

أُلاعِبُهُ طَــوْرًا وَطَــوْرًا كَأَنَّمَا *** بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهُ

 يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ *** لَطِيفُ الْحَشَا لا تَحْتَوِيهِ أَقَارِبُهُ

 فَواللَّهِ لَوْلا اللَّهُ لا شَيْءَ غَيْرَهَ*** لَنُفِضَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهُ

 وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّــلًا *** بَأَنْفُسِنَا لا يُفَــتِرُّ الدَّهْــرُ كَاتِبُهُ

ثم تنفست الصعداء وقالت:

لهان على عمر بن الخطاب وحشتي وغيبة زوجي عني. وعمر واقف يستمع قولها، فقال لها: يرحمك الله، يرحمك الله، ثم وجه إليها بكسوة، ونفقة، وكتب في أن يقدم عليها زوجها”(البيهقي وغيره).وقيل أمر بأن لا يتأخر الجندي في الحرب عن 4أشهر بعدما سأل ابنته حفظة كم تطيق المرأة غياب زوجته قالت أربعة أشهر.. إذن فهو يسن القوانين بعد التعايش الحقيقي مع المجتمع، ومعرفة مشاكله وهمومه من خلال التعامل مع الواقع مباشرة، وليس عن طريق التقارير التي ترد إليه فحسب، ولو كان فعل ذلك ما لامه أحد لحسن اختياره للولاة، ومع ذلك فهو لم يعتمد على ما يرد إليه من تقارير فحسب، بل كان كما نرى :”

#عمر يتابع الأمور بنفسه:

لم يكن عمر يكتفي بأن يحسن اختيار عماله، بل كان يبذل أقصى الجهد لمتابعتهم بعد أن يتولوا أعمالهم ليطمئن على حسن سيرتهم ومخافة أن تنحرف بهم نفوسهم، وكان شعاره لهم: خير لي أن أعزل كل يوم واليًا من أن أبقي ظالمًا ساعة نهار. وقال: أيما عامل لي ظلم أحدًا فبلغني مظلمته فلم أغيرها فأنا ظلمته.

 #وكان يقبل النقد والمعارضة :” فيعلنها مدوية لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها” وعارضته امرأة وهو يخطب علي المنبر يريد أن يحدد المهور فقال أصابت امرأة وأخطأ عمر..

 #شروط عمر في الولاة:

لم يكن ينظر إلى صلاح الرجل في ذاته، ولكن إلى صلاحه للولاية، لذلك كان يولي أناسًا وأمامه من هو أتقى منهم وأكثر علمًا، وأشد عبادة، وكان يقول: إني لأتحرج أن استعمل الرجل وأنا أجد أقوى منه. وكان يستعمل رجلًا من أصحاب رسول الله مثل عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، ويدع من هو أفضل منهم مثل عثمان بن عفان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، ونظرائهم لقوة أولئك على العمل والبصر به، ولإشراف عمر عليهم وهيبتهم له. قال عمر يومًا لأصحابه: دلوني على رجل أستعمله على أمر قد أهمني. قالوا: فلان. قال:

لا حاجة لنا فيه، قالوا: من تريد؟ قال: أريد رجلًا إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم، وإن كان أميرهم كان كأنه رجل منهم. قالوا: ما نعرف هذه الصفة إلا في الربيع بن زياد الحارثي. قال: صدقتم، فولاه.

الرحمة والشفقة على الرعية:

كان عمر يتوخى في ولاته الرحمة والشفقة على الرعية، وكم من مرة أمر قادته في الجهاد ألا يغزو بالمسلمين، ولا ينزلوهم منزل هلكة. وخطب عمر ولاته فقال: اعلموا أنه لا حلم أحب إلى الله تعالى، ولا أعم من حلم إمام ورفيقه، وأنه ليس أبغض إلى الله ولا أعم من جهل إمام وخرقه، واعلموا أنه من يأخذ بالعافية فيمن بين ظهرانيه يرزق العافية فيمن هو دونه. 

  من لا يرحم لا يرحم: أمر عمر بكتابة عهد لرجل قد ولاه، فبينما الكاتب يكتب جاء صبي فجلس في حجر عمر فلاطفه، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين لي عشرة من الأبناء ما دنا أحد منهم مني قال عمر: فما ذنبي إن كان الله نزع الرحمة من قلبك، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء، ثم قال: مزق الكتاب، فإنه إذا لم يرحم أولاده فكيف يرحم الرعية. قواعد عمر في تعيين الولاة وشروطه عليهم:”(موقع مفكرة الإسلام).

القوة والأمانة:

وقد طبق الفاروق هذه القاعدة، ورجح الأقوى من الرجال على القوي، فقد عزل عمرُ شرحبيلَ بن حسنة وعيّن بدله معاوية، فقال له شرحبيل: أمن سخطه عزلتني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، ولكني أريد رجلًا أقوى من رجل. ومن أجمل ما أُثر عن عمر في هذا المعنى قوله: اللهم إني أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة”(تقريب التهذيب).

مقام العلم في التولية:

وقد جرى عمر الفاروق على سنة رسول الله في تولية أمراء الجيوش خاصة. قال الطبري: إن أمير المؤمنين كان إذا اجتمع إليه جيش من أهل الإيمان أمّر عليهم رجلاً من أهل الفقه والعلم.

وكان عمر يستعمل قومًا ويدع أفضل منهم لبصرهم بالعمل، وكان التفضيل هنا إنما يعني أن أولئك الذين تركهم عمر كانوا أفضل دينًا، وأكثر ورعًا، وأكرم أخلاقًا ولكن خبرتهم في تصريف الأمور أقل من غيرهم، فليس من الضروري أن يجتمع الأمران كلاهما معًا، وهذه القاعدة التي وضعها عمر، ما زالت متبعة حتى اليوم في أرقى الدول، ذلك بأن المتدين الورع الخلوق إذا لم تكن له بصيرة في شئون الحكم، قد يكون عرضة لخديعة أصحاب الأهواء المضللين، أما المحنك المجرب، فإنه يعرف من النظرة السريعة، معاني الألفاظ وما وراء الألفاظ من معان..

وهذا هو السبب الذي دعا عمر بن الخطاب لاستبعاد رجل لا يعرف الشر، فقد سأل عن رجل أراد أن يوليه عملًا فقيل له: يا أمير المؤمنين، إنه لا يعرف الشر. فقال عمر لمخاطبه: ويحك ذلك أدنى أن يقع فيه. وهذا لا يعني أن يكون العامل غير متصف بالقوة والأمانة والعلم والكفاية وغيرها من الصفات التي يستلزمها منطق الحكم والإدارة، وإنما يقع التفاضل بين هذه الصفات، ويكون الرجحان لما سماه عمر بن الخطاب: البصر بالعمل.

#أهل الوبر وأهل المدر:

جعل الوالي من القوم: من الملاحظ أن عمر بن الخطاب كان في كثير من الأحيان يولى بعض الناس على قومهم، إذا رأى في ذلك مصلحة، ورأى الرجل جديرًا بالولاية، ومن ذلك توليته جابر بن عبد الله البجلي على قومه بجيلة، حينما وجههم إلى العراق، وكذلك تولية سلمان الفارسي على المدائن، وتولية نافع بن الحارث على مكة، وعثمان بن أبي العاص على الطائف، ولعله كان يرمي من وراء ذلك إلى أهداف معينة يستطيع تحقيقها ذلك الشخص أكثر من غيره.

فكان عمر ينظر حين يعيّن أحد عماله، إلى بعض الخصائص والطباع والعادات، والأعراف، فلقد عُرف أنه كان ينهي عن استعمال رجل من أهل الوبر على أهل المدر، وأهل الوبر هم ساكنو الخيام، وأهل المدر هم ساكنو المدن، وهذه نظرة دقيقة في اختيار الموظفين، فلكل من أهل الوبر والمدر خصائص وأخلاق وعادات وأعراف مختلفة، ومن الطبيعي أن يكون الوالي عارفًا بنفسية الرعية، وليس من العدل أن يتولى أمرها رجل جاهل بها، فقد يرى العرف نكرًا، وقديري الطبيعي غريبًا، فيؤدي ذلك إلى غير ما يتوخاه المجتمع من أهداف يسعى إليها..

لا يولي أحدًا من أقاربه:

كان عمر حريصًا على أن لا يولي أحدًا من أقاربه رغم كفاية بعضهم، وسبقه إلى الإسلام مثل: سعيد بن زيد ابن عمه، وعبد الله بن عمر ابنه، وقد سمعه رجل من أصحابه يشكو إعضال أهل الكوفة به في أمر ولاتهم، ويقول عمر: لوددت أني وجدت رجلًا قويًّا، أمينًا مسلمًا استعمله عليهم، فقال الرجل: أنا والله أدلك عليه، عبد الله بن عمر، فقال عمر: قاتلك الله، والله ما أردت الله بهذا. ويقول: مَنِ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ عِصَابَةٍ وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وخانَ رَسُولَهُ وخانَ الْمُؤْمِنِينَ “(الحاكم والطبري).

لا يعطي من طلبها:

كان لا يولي عملًا لرجل يطلبه، وأراد أن يستعمل رجلًا فبدر الرجل بطلب العمل، فقال له: قد كنا أردناك لذلك، ولكن من طلب هذا الأمر لم يعن عليه. وقد سار على هذا النهج اقتداء بسنة الرسول. في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قوماً دخلوا عليه فسألوه الولاية ، فقال ” إنّا لا نولي أمرنا هذا من طلبه ” وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة، وبئست الفاطمة” أحمد والبخاري والنسائي).

#منع العمال من مزاولة التجارة،

وإحصاء ثرواتهم عند تعيينهم: كان عمر يمنع عماله وولاته من الدخول في الصفقات العامة سواء أكانوا بائعين أو مشترين، وكان عمر يحصي أموال العمال والولاة ليحاسبهم على ما زادوه بعد الولاية مما لا يدخل في عداد الزيادة المعقولة، ومن تعلل منهم بالتجارة لم يقبل منه دعواه وكان يقول لهم: إنما بعثناكم ولاة ولم نبعثكم تجارًا. وروي أن عاملًا لعمر بن الخطاب اسمه الحارث بن كعب بن وهب، ظهر عليه الثراء، فسأله عمر عن مصدر ثرائه فأجاب: خرجت بنفقة معي فأتجرت بها، فقال عمر: أما والله ما بعثناكم لتتّجروا، وأخذ منه ما حصل عليه من ربح. (تاريخ النظم والحضارة الإسلامية).

الخطبة الثانية من خطبة الجمعة القادمة : فقه بناء الدول

“الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وبعد فيا عباد الله :”لا زلنا نواصل الحديث حول فقه بناء الدول وقوة الإدارة عمر بن الخطاب انموذجاً

#لجنة القيادات :”

المشورة في اختيار الولاة: كان اختيار الولاة يتم بعد مشاورة الخليفة لكبار الصحابة، استشار عمر الصحابة فيمن يولي على الكوفة فقال لهم: من يعذرني من أهل الكوفة من تجنيهم على أمرائهم إن استعملت عليهم لينًا استضعفوه، وإن استعملت عليهم شديدًا شكوه، ثم قال: يا أيها الناس ما تقولون في رجل ضعيف غير أنه مسلم تقي، وآخر قوي مشدد أيهما الأصلح للإمارة؟

فتكلم المغيرة بن شعبة فقال: يا أمير المؤمنين إن الضعيف المسلم إسلامه لنفسه وضعفه عليك وعلى المسلمين، والقوى المشدد فشداده على نفسه وقوته لك وللمسلمين فأعمل في ذلك رأيك، فقال عمر: صدقت يا مغيرة، ثم ولاه الكوفة وقال له: انظر أن تكون ممن يأمنه الأبرار ويخافه الفجار، فقال المغيرة: أفعل ذلك يا أمير المؤمنين.

اختبار العمال قبل التولية:

كان عمر يختبر عماله قبل أن يوليهم، وقد يطول هذا الاختبار كما يوضحه الأحنف بن قيس حين قال: “قدمت على عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، فاحتبسني عنده حولاً فقال: يا أحنف قد بلوتك وخبرتك، فرأيت أن علانيتك حسنة، وأنا أرجو أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدث إنما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم. ثم قال له عمر: أتدرى لم احتبستك ؟ وبين له أنه أراد اختباره ثم ولاّه، ومن نصائح عمر للأحنف:

يا أحنف، من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استخف به، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.

#المرسوم الخلافي:

وقد اشتهر عن عمر أنه حينما كان ينتهي من اختيار الوالي واستشارة المستشارين يكتب للوالي كتابًا يسمى عهد التعيين أو الاستعمال عند كثير من المؤرخين ويمكننا أن نسميه مجازًا(المرسوم الخلافي) في تعيين العامل أو الأمير، وقد وردت العديد من نصوص التعيين لعمال عمر، ولكن المؤرخين يكادون يتفقون على أن عمر بن الخطاب كان إذا استعمل عاملًا كتب له كتابًا وأشهد عليه رهطًا من المهاجرين والأنصار، واشترط عليه شروطًا في الكتاب، وقد يكون الشخص المرشح للولاية غائبًا، فيكتب له عمر عهدًا يأمره فيه بالتوجه إلى ولايته.

ومثال ذلك كتابه إلى العلاء بن الحضرمي عامله على البحرين أمره بالتوجه إلى البصرة لولايتها بعد عتبة بن غزوان، وفي حال عزل أمير وتعيين آخر مكانه، فإن الوالي الجديد كان يحمل خطابًا يتضمن عزل الأول وتعيينه مكانه، وذلك مثل كتاب عمر مع أبي موسى الأشعري حين عزل المغيرة بن شعبة عن ولاية البصرة وعيّن أبا موسى مكانه.

الاجتهاد والإدارة:

“وكان الاجتهاد من أبرز الجوانب في حياة عمر خلال حقبة خلافته الحافلة بالأحداث، فحفظ الدين، ورفع راية الجهاد، وفتح البلاد، ونشر العدل بين العباد، وأنشأ أول وزارة مالية في الإسلام، وكون جيشًا نظاميًّا للدفاع وحماية الحدود، ونظم المرتبات والأرزاق، ودوّن الدواوين، وعيّن الولاة والعمال والقضاة، وأقر النقود للتداول الحياتي، ورتب البريد، وأنشأ نظام الحسبة، وثبت التأريخ الهجري، وأبقى الأرض المفتوحة دون قسمة، وخطط المدن الإسلامية وبناها، فهو بحق أمير المؤمنين، وباني الدولة الإسلامية”.

#حل المشاكل :” فكلما طرأت له مشكلة وجد حلها في كتاب الله ، فإن لم يجد ففي سنة رسوله، فإن لم يجد ففي سيرة أبي بكر الصديق، فإن لم يجد دعا أولي الأمر والرأي من المهاجرين والأنصار فشاورهم حتى يجد الحل للمشكلة، أو المشكلات التي عرضت له. من يستشعر المسئولية لا ينام: “عمر بن الخطاب لم يكن له وقت ينام فيه فكان ينعس وهو قاعد فقيل له: يا أمير المؤمنين ألا تنام؟ فقال: كيف أنام إن نمت بالنهار ضيعت أمور المسلمين, وإن نمت بالليل ضيعت حظي من الله عزوجل”(صفةالصفوةج2-/382).

#سياسة عمر في عزل الولاة :”

 كان من سياسة عمر بن الخطاب الراشدية، أنه كان يعزل عمّاله، متى رفضه الرعية حتى لو كان أتقى الناس وأعدلهم، فلم يكن يستغني بعدل ولاته وصلاحهم عن رضاء الرعية عنهم. فقد عيَّن سعد بن أبي وقاص على العراق، فرفع أهل العراق شكاية ضد سعد إلى عمر، فعزله عمر، بالرغم من أنه حقق في شكاية أهل العراق ضده، واستمع إلى مرافعة سعد، وأثبت سعد براءته من الشكوى التي رمي بها، إلا أن ذلك لم يشفع لسعد عند عمر.

فعن جابر بن سمرة – رضي الله عنه – قال: “شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر بن الخطاب، فعزله، واستعمل عليهم عمارا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق، إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال: أما أنا فوالله إني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخرم عنها: أصلي صلاتي العشي، فأركد في الأوليين، وأخفف في الأخريين، قال: فإن ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلاً أو رجالاً إلى الكوفة، يسأل عنه أهل الكوفة، فلم يدع مسجداً إلا سأل عنه؟ ويثنون عليه معروفاً، حتى دخل مسجداً لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له :أسامة بن قتادة – يكنى أبا سعدة فقال:

أما إذ نشدتنا فإن سعداً كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله، لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً، قام رياءً وسمعة، فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، فكان بعد ذلك إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابتني دعوة سعد “قال عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق، فيغمزهن”( متفق عليه.).

#تعزيز سلطة الأمة:

عمر بن الخطاب كان يقول “خير لي أن أعزل كل يوم واليًا من أن أبقي ظالمًا ساعة نهار”. ومن التفسيرات التي ذكرها العلماء في سبب عزل عمر لسعد، غير الذي ذكرناه قبل، ما قيل من أن مذهب عمر أنه لا يستمر بالعامل أكثر من أربع سنين”(فتح الباري لابن حجر (2/ 240).

وهذه سنة عمرية راشدية أخرى، من السنن التي يجب التأسي بها لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع سنن الخلفاء الراشدين. ومما قيل في تفسير هذه السنة : أنها تمنع استغلال الولاة لمناصبهم، وتمنع محاباة الناس لهم إذا علموا أنهم مستمرون في مناصبهم، أو أنهم ماكثون فيها مكثا طويلا، فإذا كانت مدة ولايتهم هذه مدة قصيرة، فإن الرعية لن تخشاهم، ولن يستطيل الولاة على الرعية لخوفهم من العزل”(تحرير الإنسان- د/حاكم المطيري).  

  اللهم كن لنا ولاتكن علينا وأعطنا ولا تحرمنا وانصرنا ولا تنصر علينا يا رب العالمين.

 

كتب خطبة الجمعة القادمة ، فقه بناء الدول : الشيخ عبد الناصر بليح

______________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للمزيد عن أسئلة واختبارات وزارة الأوقاف

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية 

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »